لمحات من تاريخ المغرب لمحات من تاريخ المغرب

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

كتاب المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد pdf تأليف د. محمد عابد الجابري

 تحميل وتصفح كتاب المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد - تأليف د. محمد عابد الجابري - أونلاين بصيغة إلكترونية ONLINE PDF








معلومات عن الكتاب :


إسم الكتاب : المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد.


الكاتب : محمد عابد الجابري.


الناشر : مركز دراسات الوحدة العربية


الحجم : 4.37 Mo.


عدد الصفحات : 153.


صيغة الكتاب : PDFelement (البرامج المقترحة nitro pro, expert pdf).


Ebook download PDF 






مقتطف من الكتاب :


"ضرورة إعادة كتابة التاريخ العربي


يتضح مما تقدم أن «مثقفي المقابسات أولئك، كانوا أنواعاً شتى، فيهم المهتم بالفلسفة والمنطق والعلوم القديمة عامة وهؤلاء كانوا تراجمة في الغالب، وفيهم المهتم باللغة والنحو والأدب، وفيهم الكاتب والمؤرخ، ومنهم من كان فقيهاً أو متكلما، منهم المعتزلي والأشعري والماتوريدي وبين صفوفهم عملاء للإسماعيلية. وأيضاً كانوا من ديانات مختلفة : فإذا كانت غالبيتهم مسلمين، فإن جل المناطقة والأطباء منهم والمهتمين بالعلوم القديمة كانوا مسيحيين عرباً (أي يحيى بن عدي، عيسى بن علي ابن ،زرعة ابن الخمار ... الخ .) وفيهم المجوسي والصابئي والملحد. وهم على هذا التنوع والاختلاف، عاشوا في جو من الحرية الفكرية والتسامح الديني قل نظيره فقد طلب من أبي اسحاق ابن هلال الصابي كاتب البويهيين أن يعتنق الإسلام فامتنع، فترك وشأنه وألف يحيى بن عدي ـ علاوة على ترجماته ومؤلفاته في المنطق والعلوم والأخلاق - عدة مقالات ورسائل، وكتب في اللاهوت المسيحي دافع فيها عن العقيدة المسيحية ضد انتقادات المتكلمين الإسلاميين أو ضد الفرق المسيحية الأخرى التي تخالف اليعقوبية فرقته (أحصي له أزيد من خمسين مقالة في هذا الموضوع. وألف غيره كأبي الحسن العامري مثلاً، في الدفاع عن مناقب الإسلام وفي الجبر والقدر ... الخ.


واللافت للنظر أن هؤلاء المثقفين» الذين كانوا يشكلون الجيل الثاني من مثقفي القرن الرابع الهجري والذين برزوا مباشرة بعد الفارابي لم يكونوا يرتبطون بسلطة مرجعية واحدة ويكاد الفارابي أن يكون مغموراً بينهم، إذ قلما يرد له ذكر في مناقشاتهم. وإذا كان يحيى بن عدي الذي يعتبر أستاذ الجماعة في المنطق قد درس على أبي بشر متى وعلى أبي نصر الفارابي فإن صلته بهذا الأخير بقيت محصورة في المنطق. وباعتباره مسيحياً فقد كان بعيداً عن إشكالية الفارابي في الجمع بين الدين والفلسفة وترتيب العلاقة بين النبي .والفيلسوف وأما أبو سليمان السجستاني الذي تعلم المنطق على أبي بشر متى وعلى يحيى بن عدي، فقد كان يقول برأي يفصل بين الدين والفلسفة فصلاً حاسماً يضعه في موقف يختلف تمام الاختلاف عن موقف الفارابي وإخوان الصفا كما سنرى لاحقاً وأما أبو الحسن العامري، فإن مرجعيته الأساسية في الفلسفة لم تكن الفارابي بل أبا زيد البلخي المتوفى سنة ٣٢٢، وكان أبرز تلامذة الكندي.


إن غياب الفارابي كسلطة مرجعية بين مثقفي المقابسات» شيء مفهوم تماماً : ففلسفة الفارابي فلسفة منظومية تهتم بالنسق أكثر من الاهتمام بالأجزاء. أما هؤلاء فقد كانوا أصحاب عقل لانسقي والفلسفة عندهم جملة تعاريف وكلمات قصار بليغة تدور حول موضوعات مستقلة بنفسها، موضوعات اللفظ والمعنى، والعلة والمعلول، والنفس والعقل والسعادة والفضيلة. الخ. وقد عبر ديبور أحسن تعبير عن ثقافة هؤلاء عندما قال : إن ظهور مدرسة السجستاني والجماعة التي كانت تلتف حوله أمر له خطره وشأنه في تاريخ الحضارة، أما فيما يتعلق بمواصلة بناء الفلسفة . في الإسلام فلا شأن له. والأمر الذي كان عند الفارابي لباب حياة العقل أصبح في الغالب عند شيعة أبي سلیمان موضوعاً للمهارة في ا الجدل». ومع ذلك، بل ربما بفضل ذلك، فقد تمكنت هذه الجماعة من نشر الثقافة المنطقية والفلسفية على نطاق واسع وبصورة ميسرة مدرجة حتى غدا الاهتمام بالمنطق والفلسفة والأخلاق جزءاً من الثقافة العامة.

يقول ريشر إنه : في القرن العاشر / الرابع الهجري، المزدهر في العالم الإسلامي، لم يعد العلم والتعلم هواية لنفر من علياء القوم، بل أصبحا عملاً تقوم به طبقة متوسطة مثقفة كبيرة».


وإذا جاز لنا أن نختار، من بين المسائل الكثيرة التي كانت موضوع مناقشات ومقابسات هذه الجماعة أهم مسألتين يمكن اعتبارهما، مع شيء من التجوز، بمثابة محورين رئيسيين استقطبا اهتمام هؤلاء المثقفين اللانسقيين، أمكن القول إنهما العلاقة بين النحو والمنطق من جهة والعلاقة بين الدين والفلسفة من جهة أخرى. أما المسألة الأولى فاهتمامهم بها وآراؤهم حولها كانا امتداداً لذلك الاحتكاك الحاد والمتوتر الذي عرفته بداية القرن بين النحاة والمناطقة والذي وجد أوسع تعبير عنه في المناظرة الشهيرة التي جرت سنة ٣٢٦ بين أبي بشر متى وأبي سعيد السيرافي، والتي أوردها أبو حيان في الامتاع والمؤانسة. وقد بقيت مسألة العلاقة بين النحو والمنطق من أبرز الموضوعات التي يدور حولها الجدل طوال القرن الرابع : تناولها الفارابي في العديد من كتبه وألف فيها يحيى بن عدي مقالة في تبيين الفصل بين صناعة المنطق الفلسفي والنحو العربي، وكانت موضوع إحدى أهم مقابسات التوحيدي - المقابسة الثانية والعشرون.


وأما المسألة الثانية، مسألة العلاقة بين الدين والفلسفة، فنجدها حاضرة عند الكندي والبلخي والفارابي والعامري فضلاً عن إخوان الصفا الإسماعيليين. وقد تناول جميع هؤلاء هذه المسألة من زاوية أنه لا تعارض بين الدين والفلسفة، وأن الحقيقة الدينية هي نفسها الحقيقة الفلسفية، وإن اختلفت طريقة التعبير عنها في الدين عنها في الفلسفة ولقد كانت هناك بطبيعة الحال آراء ترفض الفلسفة وتعتبرها دخيلة، وهي آراء المتكلمين عامة كان هذان الموقفان معروفين وشائعين. والجديد في الأمر ـ وهو ما نريد التنبيه إليه هنا - هو انفراد أبي سليمان السجستاني المنطقي بوجهة نظر خاصة. فقد أورد له التوحيدي في الامتاع والمؤانسة تعليقاً طويلاً على رسائل إخوان الصفا اعترض فيه بشدة على محاولتهم دمج الدين في الفلسفة والفلسفة في الدين، مؤكداً استقلال كل منهما وانفصاله عن الآخر. يقول أبو سليمان: «إن الفلسفة حق لكنها ليست من الشريعة في شيء، والشريعة حق لكنها ليست من الفلسفة في شيء»، ثم يضيف بعد كلام طويل في هذا المعنى: ومن أراد أن يتفلسف فيجب عليه أن يعرض بنظره عن الديانات ومن اختار التدين فيجب عليه أن يعرض بعنايته عن الفلسفة ويتحلى بهما مفترقين في مكانين على حالين مختلفين، ويكون بالدين متقرباً إلى الله تعالى ... ويكون بالحكمة متصفحاً لقدرة الله تعالى في هذا العالم ... ولا يهدم ولا يهدم أحدهما بالآخر».


 لا شك أننا هنا إزاء موقف جديد وفريد يذكرنا بـ نظرية الحقيقتين» عند الرشدييين اللاتين، التي نسبوها الى ابن رشد خطاً وجوراً، كما أشرنا إلى ذلك من قبل. فهل انتقلت نظرية السجستاني إلى الأندلس ومنها إلى أوروبا الرشديين اللاتين؟ إننا لا نملك ما به نرجح هذا الافتراض غير أن الشيء الثابت تاريخياً هو أن محمد بن عبدون الجبلي المولود بقرطبة قد رحل إلى المشرق سنة ٣٤٧ لدراسة الطب والفلسفة، وقد درس المنطق على أبي سليمان السجستاني ثم رجع إلى الأندلس، ليعمل طبيباً خاصاً للحكم الثاني وهشام الثاني. يقول عنه ريشر : «كان محمد بن عبدون في مجال المنطق عضواً في مدرسة بغداد ومتابعاً لتقليدها المنطقي الطبي، وترجع أهميته أساساً إلى تقديمه لتقاليد مدرسته إلى اسبانيا الإسلامية، حيث ظل لهذه التقاليد تأثيرها إلى أيام ابن رشد»."


رابط تحميل الكتاب


عن الكاتب

كاتب التاريخ المغربي

التعليقات


اتصل بنا

نحرص دائما على عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، لذا يحق للمؤلفين ودور النشر المطالبة بحذف رابط تحميل لكتاب من الموقع. إذا وجدت كتاب ملك لك ولا توافق على نشر رابط تحميل الكتاب أو لديك اقتراح أو شكوى راسلنا من خلال صفحة اتصل بنا، أو عبر البريد الإلكتروني: lamahat.histoirmaroc@gmail.com

جميع حقوق الكتب والدراسات تابعة لمؤلفيها من حيث الطباعة والنشر والخصوصية

لمحات من تاريخ المغرب